السعودية تضبط أسعار الشعير وتكسر احتكار التجار بضمه للنظام التمويني

السعودية تضبط أسعار الشعير وتكسر احتكار التجار بضمه للنظام التمويني

الخليل وكيل وزارة التجارة يُقدّر لـ«الشرق الأوسط» المخزون بأكثر من 1.2 مليون طن
تسعى السعودية إلى المحافظة على أسعار بعض السلع التموينية بغرض حمايتها من تلاعب التجار ومنها الشعير
الرياض: خالد العويجان
أعلنت السعودية أمس عن إضافة سلعة الشعير على قائمة أحكام التنظيم التمويني في الأحوال غير العادية، وحددت في الوقت ذاته هامش الربح بـ5 في المائة من تكلفة الاستيراد بعد خصم مقدار الإعانة ورسوم التفريغ في المواني.

وحذر قرار وزاري صدر عن وزارة التجارة والصناعة من تجاوزات المستوردين، ووضعها عند نسبة هامش ربح وضعتها الدولة تعتمد على تكلفة الاستيراد، بعد خصم مقدار الإعانة ورسوم التفريغ في الموانئ، وكل من باع كيس الشعير وزن (50) كجم من الموزعين أو التجار، بزيادة عن هامش الربح المحدد ضمن قرار مجلس الوزراء حُدد بـ4 ريالات للكيس الواحد، وعدّت كل من امتنع عن البيع أو قام بتخزين الشعير أو لم يضع لوحة توضح أسعار البيع في محله من المستوردين والموزعين وتجار الشعير خاضعا لعقوبةٍ تتفاوت ما بين غرامةٍ مالية تصل إلى 50 ألف ريال، ومصادرة فرق السعر، وإغلاق المحل لمدةٍ تصل إلى شهر.

وأرجع مسؤول سعودي يعمل بوزارة التجارة والصناعة صدور القرار إلى وجود نوع من «الاستغلال» عمد إليه بعض من تُجّار الأعلاف، وأقدموا على رفع الأسعار «غير المُبرر» مُستندين إلى نقصٍ في الكميات المعروضة في الأسواق المحلية، بعد تعرض روسيا وأوكرانيا لظروف مناخيةٍ كلفت تلف محاصيل كبيرة مزروعة في هكتارات دمرتها ارتفاعات درجات الحرارة التي حلت بالبلاد لأول مرة في تاريخها، وهو ما قاد إلى إتلاف تلك المحاصيل التي تستورد السعودية كميات ضخمةٍ منها.

وقدّر صالح الخليل، الوكيل المساعد لشؤون المستهلك في وزارة التجارة والصناعة، في تصريحاتٍ لـ«الشرق الأوسط»، المخزون الذي تمتلكه بلاده من الشعير بأكثر من 1.2 مليون طن، وحدد المدة التي تكفيها تلك الكميات المتوفرة في السوق المحلية بحدود 3 أشهر مقبلة في وقتٍ أقرّ فيه بتصاعد الأسعار العالمية على خلفية الكوارث الطبيعية التي لحقت بهكتارات الشعير المزروعة في روسيا وأوكرانيا.

وأفصح الخليل عن قرب تسلم الرياض لكميات من الشعير المستورد وصفها بـ«الضخمة» خلال الأسابيع القليلة المقبلة، وهو الأمر الذي يُعزز من المخزون الاستراتيجي من تلك السلعة، وهو الأمر الذي اعتبره المسؤول تدخلا حكوميا للحد من ارتفاع أسعار الشعير وكسر الاحتكار.

ووفقا للقرار الوزاري الذي أعلن أمس فإن المخالفة إذا كانت من المستورد فتتم معاقبته بالحرمان من كامل الإعانات المستحقة له، وإيقافه عن الاستيراد مدة لا تقل عن 6 أشهر مع أخذ التعهد الشديد بعدم معاودة المخالفة، وفي حالة معاودته فيمنع من مزاولة نشاطه نهائيا. أما في حال كانت المخالفة من الموزع فيمنع من ممارسة نشاطه لمدة لا تقل عن 6 أشهر، مع أخذ إقرار بعدم معاودة المخالفة، وفي حالة معاودته فيمنع من مزاولة نشاطه نهائيا، بالإضافة إلى التشهير بمرتكب المخالفة، بعد اكتساب القرار الصادر ضده صفة القطعية في 3 صحف محلية في مناطق مختلفة، على أن تكون إحداهن في المنطقة التي وقعت فيها المخالفة أو قريبة منها.

إلى ذلك ربط عاملون في أسواق المواشي بين نقص كميات الشعير المتوفرة في السوق المحلية، والتلاعب في الأسواق، حيث يرى البعض منهم أن المتسبب الأول في نقص الكميات من الأسواق المحلية هو «تلاعب» بعض التُجّار، الذين اتجهوا لإخفاء كميات كبيرة من الشعير، حتى حدوث أزمة نقص في الكميات، ليتسنى لهم بعد ذلك طرح الكميات في الأسواق وبالتالي بيعها بأضعاف قيمتها الأساسية والارتفاع في أسعار المواشي، فبلغت في سوق العاصمة الرياض أكثر من 30 إلى 40 في المائة، أي عند حدود 45 ريالا للكيس الواحد.

وأشار ناصر العتيبي أحد المستثمرين في سوق المواشي في العاصمة الرياض إلى نقصٍ في الكميات المتوفرة يُقابلها تنامٍ في الطلب، بالإضافة إلى دخول شهر رمضان الذي تصادف مع إجازة نهاية العام. وأبدى العتيبي خشيةً من تنامي مؤشر الأسعار، سواءً الخاص بالأعلاف أو المواشي، وهو الأمر الذي يراه بحاجةٍ لتحركٍ حكومي على عجل، لمنع تنامي بعض التلاعبات التي يُقدم عليها بعض من المُتمكنين من أسواق المواشي في المملكة، الذي يُعدُ السوق الأكبر والممول للأسواق الخليجية والمجاورة للمملكة.

العتيبي أرجع في تصريحاتٍ لـ«الشرق الأوسط» جزءًا من ارتفاع أسعار الأعلاف إلى تصريف عددٍ من كبار مستثمري الماشية لما سماه «المواشي الولاّدة» وهي التي تُنجب في السنة الواحدة مرتين، الأمر الذي يؤدي إلى زيادة في الكميات المتوفرة، إلا أن بيع تلك الأصناف لذبحها عوضا عن أنواع أخرى مُخصصة للذبح وليست للتربية. وتخطت أسعار المواشي «الولاّدة» حاجز 1400 ريال للواحدة، فيما تراوحت أسعار الأصناف الأخرى من المواشي ما بين 750 إلى 1100 ريال للواحدة.

وبالعودة للخليل الذي كشف في تصريحاته لـ«الشرق الأوسط» عن لجانٍ ميدانية رقابية بدأت عملها أمس بُعيد صدور القرار الوزاري، من مهمتها مراقبة مؤشر الأسعار الخاص الشعير، تُساندها فرق أمنية من إمارات المناطق والبلديات.

ويرتبط مؤشر أسعار الماشية بمؤشراتٍ أخرى، كأسعار الأعلاف، التي تشهد في الغالب ارتفاعات غير منضبطة، تقود إلى تدخل حكومي يحكم عدم تجاوزها حدود مُعينة، وهو الأمر الذي ينطبق على القرار الوزاري الذي صدر أمس، وقنن ما تشهده أسواق الأعلاف التي ترتبط بشكل أساسي مع أسعار المواشي المتوفرة في السوق المحلية السعودية.

ويعتبر سوق المواشي السعودي الأكبر على مستوى منطقة الشرق الأوسط، وهو السوق الذي ترتبط مؤشرات أسعار الأعلاف فيه مع مؤشرات بيع المواشي المُنتجة محليا، والمستوردة من دولٍ عربية تعمد المملكة على استيراد كميات كبيرة من المواشي بشكلٍ سنوي منها.

دعواتنا للملك عبدالله في هذا الشهر الكريم